الحسين “قدوة” فاين أنتم منها
عام يتلو عاما ومصائب العراقيين في تجدد مستمر، فعاشوراء العراق لا تنتهي مواجعها ، لان قتلة اهله معلومون لدى الجميع ، بشخوصهم وبعلاماتهم الفارقة التي يتميزون بها عن بقية الخلق ، ان ورثة قتلة الحسين مازالوا احياء فينا ، من حيث القتل والمكر والدجل الذي يمارسونه كل يوم، بل ان هؤلاء الورثة اشد قهرا وظلما وسفكا للدماء من ابائهم واجدادهم ، واذا كانت موقعة الطف شهدت مقتل سبط اشرف خلق الله ، فان أبناء واحفاد قاتليه ، جعلوا من ارض العراق كلها مواقع ” طف ” وكربلاء .
حتى باتت الاصطفافات الطائفية والعنصرية السائدة في عراق ما بعد 2003 هي دستور هؤلاء السياسيين المتشدقون باسم الدين ، والدين منهم براء ، فهم من قتلوا فلذات اكبادنا وسرقوا خيرات بلادنا وسلبوا واغتصبوا حرمات اعراضنا وباعوا ارضنا لمن لا رحمة في قلوبهم ولا ذمة في ضمائرهم بل لا يستحقون ان تحتضن ارضه جثامين أجسادهم التي سوف يزحزحها الله يوم الحساب ليحرقوا في نار جهنم خالدين فيها ابدا ، ففي كل عام من شهر محرم الحرام ، يخرج علينا احفاد قتلة “أبا عبد الله” بشعارات الحب والعدل والمساواة بين الناس والسير خلف خطى سبط نبيهم الكريم الطالب للإصلاح في امة جده الكريم ، حتى باتت هذه الشعارات لا تنطلي على العراقيين الذين اكتوت اجسادهم بنيران الفتنة التي اوقدوها من سباتها بعد ان كانت نائمة لسنوات طوال.
ومن هنا أقول للسياسيين الذين يتباكون على سيدنا الحسين وال بيته الاطهار وقبل ان ترفعوا الرايات وتلبسوا السواد وتخدموا مواكب العزاء ، عليكم ان تغيروا ضمائركم ونفسياتكم وقلوبكم وعقولكم وانزعوا منها الحقد والكره والبغضاء والنفاق ومساوئ الأخلاق وظن السوء … واقتدوا بأخلاق الحسين عليه السلام وعفة شقيقته زينب وشجاعة شقيقه العباس وعطاء أم البنين سلام الله ورضوانه عنهم أجمعين ، فعاشوراء ليست للمظاهر دون حسن الخلق ، فسيدنا الحسين لم يخرج لنيل الشهادة كي نبكي عليه ، بل خرج لنتبع أخلاقه ونمشي على خطاه ، ولا يريد منكم ان تلبسوا سواد الثياب عليه وان تسيروا الى كربلاء تلطمون وتطبرون وتقدمون لزائريه ما لذ وطاب من موائد الطعام ، بل يريد منكم ان تشفقوا على احفاده الذين يستصرخون من ظلمكم لهم كلما رفعوا اكفهم الى السماء ، وهم يبتهلون الى الله ان ينقذهم من قسوتكم ومن غدركم الذي لا ينقطع ، فمطالبهم التي يرفعونها هي ليست منةً منكم عليهم وانما هي حقهم في الحياة التي خرج من اجلها من تحيون ذكراه اليوم ، وهي استذكارٌ للمظلوميةِ التي شَهدَها سبطُ رسول الله ( ص ) ، لانهم تعلموا منه كيف يظلمون فينتصروا .
فالإمام الحسين الذي خرجَ ثائراً بوجه الظلم ، وعرف بانه مدرسة الحياة الكريمة، ورمز المسلم القرآنيْ وقدوة الأخلاق الإنسانية وقيمها ومقياس الحق فيها ، فكفاكم كذبا وتزلفا عليه ، فما حل به يوم استشهاده بالأمس ، يتجدد على احفاده بأيديكم اليوم ، فأنتم من سمحتم للمحتلين ان تطأ اقدامهم تراب كربلاء وغيرها التي امتزجت بدمائه ودماء صحبه وال بيته الاطهار ، فتصنعون منها تربة سجودكم في الصلاة وكذلك شركائكم في الاثم ، ممن باعوا ضمائرهم ووجدانهم بحفنة من الدولارات المسروقة من خزائن العراق وخيراته.
هذه هي نصيحة العبد الفقير وكاتب الكلمات لكم ، أيها السياسيون الطائفيون ، اجعلوا من احياء ذكرى استشهاد سيد شباب اهل الجنة سيدنا الحسين عليه وعلى ابيه وجده افضل الصلاة والسلام ، مناسبة لترطيب الانفس ووأد الفتنة والانتقام والانقسام الطائفي ، وحرروا أنفسكم من العبودية التي لازمتكم طيلة سنوات الظلم العجاف ، وتوبوا الى الله ، توبة مودع وغادروا عروشكم التي بنيتموها من أموال السحت الحرام ، وقبل كل شيء اغسلوا وجوهم بدموع الذل في مقامي حضرة أبي عبدالله واخيه العباس ، عندها لا ينفع الندم ولا المال و لا الجاه ولا المنصب ولا الطائفة ولا المذهب وينجو منكم من اتى الله بقلب سليم