عسرة الكهرباء… مصائبُ قومٍ عندَ قومٍ فوائدُ
أزمة الكهرباء في العراق وملفاتها والتي اشبِعَت بوابل كبير من الجهد الإعلامي المستمر والذي يزداد كثافة وتنوعاً في اتجاهات التحليل ومقترحات الحلول، وعلى وجه التحديد، في أوقات تفاقم هذه الأزمة وما يصحبها من معاناة يومية ترهق حياة المواطن.
من المعروف أن لكل حرب تجارها من الساعين إلى الفوز باستثمار تداعياتها لأجل تحقيق المصالح الضيقة غير المشروعة والتي تكون على حساب الشريحة الواسعة من المواطنين المغلوب على أمرها… وهذا ما ينطبق تماماً على استغلال الأزمات المختلفة التي تتعرض لها المجتمعات.
مما لاشك فيه أن متلازمة الكهرباء العراقية واستمرارها قد حفزت الكثير من هؤلاء المتصيدين لتسخير مختلف السبل بهدف الحصول على منافعهم، إذ أضافوا وسائل خبيثة مبتكرة لتحقيق ما يمكن من المكاسب المادية وفي الوقت نفسه يعملون جاهدين على ضمان تفاقم حالة التردي في خدمة تجهيز الطاقة الكهربائية واستمرارها، فلا غرابة من نشوء رغبات شرسة للإجهاز على ما يمكن من منافع لدى مجموعة من الشركات المحلية أو فروع الأجنبية منها والمقاولين بالإضافة إلى أصحاب صالونات العلاقات والسمسرة وفي مقدمة ذلك ما يسمى بالمكاتب الاقتصادية لأحزاب السلطة ولم يقف الأمر عند حدود المنافع المادية فقط فقد انبرت العديد من الجهات السياسية إلى تسخير حالة الفشل والفساد في معالجة عمل المنظومة الكهربائية لصالح حملاتها في المنافسة والتسقيط التي تحكمها التقاطعات المصلحية لا أكثر، فوظفت مساحات كبيرة في قنواتها الإعلامية لإنجاز هذا الغرض ودعمتها بوساطة ما يطلق عليه بالذباب الإلكتروني لتنشط على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
إن حالة التهافت في استغلال أزمة الكهرباء لم تقتصر على الأفواه المحلية الطامعة فقط، بل تعدى ذلك إلى ظهور جهات خارجية كانت قد سعت ومازالت إلى تحقيق المزيد من المغانم على حساب الثروة الوطنية للعراق عبر اتفاقيات وعقود إذعان صفقت لها بحرارة شلة التابعين لأجندات هذه الجهات، فتصدرت إيران المرتبة الأولى في تحقيق هذه المطامع وعلى وفق ما تقتضي مصالحها الاقتصادية والسياسية، فأوقعت مؤسسة الكهرباء العراقية في فخ الرضوخ لقبول شروط تجهيز الغاز الإيراني اللازم لتشغيل العديد من محطات توليد الكهرباء في المنظومة الوطنية وكذلك استيراد كميات محددة من الطاقة الكهربائية، كما أوغلت في فرض المعدات الكهربائية ذات المواصفات المتدنية وبأسعار عالية وبالتوازي مع ذلك أوعزت لأذرعها في السلطة الحالية لتعطيل الحلول الوطنية المتاحة وغلق الأبواب أمام من يتبنى هذه الحلول باستخدام وسائل مختلفة بهدف الحفاظ على ما تحقق لها من مكاسب كبيرة بفعل استمرار الأزمة الكهربائية الخانقة.
لذا فعلى العراقيين جميعاً أن يعرفوا من الذي يقف وراء إحداث مثل هذه الأزمات وتعميقها وإفشال معالجتها من أجل العمل الموحد على وفق مسار الإرادة الوطنية المستقلة بهدف الخلاص من تبعات ما يخطط له المتربصون على مختلف غاياتهم المشبوهة.